للكاتب/ أحمد بركات
إن حل المشكلات في كل الأحوال، لن يكون بالهروب من الواقع، بل بمواجهة الواقع بتحويله لواقع أفضل، ولن يكون ذلك إلا بفهم الوجه الحقيقي للمشكلة، الذى يكون غالباً في خط سير معاكس للمشكلة ذاتها، وهو ما يسمى بحقيقة المشكلة أو العمق في رؤية المشكلات، فقد يكون ليس هناك مشكلة بالأساس.
لنفترض أن لدينا مشكلة اجتماعية متعلقة بالثأر، فالطريق المعتاد لحل المشكلة هو الإلتقاء بالمشكلة عند وقوعها، ومحاولة تداركها وليكن فرضاً بالعقاب أوالعفو، أما الطريق الحقيقي فيكمن في السير في عكس إتجاه المشكلة، وهو أن تسبق المشكلة بخطوات، وذلك بوئد المشكلة من جذورها، أى الإلتقاء في نقطة تسبق على نشوء المشكلة.
ففي مشكلة الثأر فإن النقطة السابقة على وجود المشكلة، هى عدم وجود عدالة ناجزة في تطبيق القوانين، مما ينتج عنه لجوء الأفراد لعدالتهم وقناعتهم الخاصة، مما يساهم بشكل كبير في انتشار هذه الجريمة وغيرها من الجرائم.
كذلك ومن الأسباب التي يجب معالجتها، هى إنتشار العصبية والقبلية، وفكرة العائلة الصغيرة، وذلك حين غاب المنظور الإجتماعي الواسع، المتعلق بفكرة العائلة الأكبر، والمتمثل في صالح المجتمع، الذي يعد هؤلاء الأفراد جزء منه، كذلك غياب التوصيف الحقيقي للمشكلات.
إن مشكلة الثأر، ليست مشكلة متعلقة ببعض الأفراد، أو عدد من العائلات المحدودة، إنما هى مشكلة لها جذور أعمق، وهى غياب الترابط الإجتماعى، وانتشار القبلية، وغياب فكرة تقديم المصلحة العامة على المصلحة الفردية.
إن البحث عن طرق غير مألوفة في حل المشكلات، بالخروج من داخل الإطار الضيق السطحي للمشكلة، أى خارج الصندوق، هو الطريق الأمثل لحل المشكلات، هذا ما فعله الخفاش، فرغم أن عين الخفاش لا ترى كما ينبغي، لكنها تعرف الاتجاهات عن طريق الموجات الصوتية التي يرسلها، لترتد عن الاجسام، ثم تعود فتستقبلها أذنه الحساسة، ليعرف أن هناك شيئاً ما أمامه، لا يجب الارتطام به. يقول الباحث الشهير “ريتشارد دوكنز” في كتابه الجديد في “الانتخاب الطبيعى: “أن الخفاش يستقبل هذه الموجات، ليقوم عقله بتكوين صورة ما في ذهنه، يدرك بها العالم من حوله.
غير أنه وإن كانت الدراسات الحديثة أثبت أنه ليس هناك كائنات عمياء، إلا أن الخفافيش الصغيرة دون التسعة أيام تكون عمياء، إلا أن هذا لا ينفى فكرة أن الإستسلام للمشكلة، قد يزيد من حدة المشكلة.
إن البداية الحقيقية لحل مشكلاتنا تبدأ بلحظة مواجهة، نعرف فيها أن هناك مشكلة تحتاج إلى حل، حينها سنعلم أن الأشخاص الذين يمتلكون أفكارا تقليدية فى حل المشكلات، لن يكونوا يوما طرفاً في حل المشكلات، لأنهم وبكل بساطة هم السبب الرئيسي في تفاقم المشكلات، ذلك أن حل المشكلات يكون على يد هؤلاء، الذين يغيرون الواقع بواقع أفضل، الذين يمتلكون رؤية ونظرة مختلفة، في التعامل مع المشكلات.
إذا أعجبتك المقالات اعمل متابعة للصفحة ليصلك جميع المقولات والمقالات اليومية للكاتب بركات.